الخميس، 19 أغسطس 2010

مشيخة الدولة وميزان العدالة

في ظل ما يعرف بدولة المؤسسات ؛ يفترض ان تكون العدالة في اعطاء المناصب في ميزان خاص ومنظور حيوي ؛ من أجل تقدم البلاد ورقي خدماتها .
لكن ان تكون دولة المؤسسات حبر على ورق في ظل تجاوز بعض الوزارات والقائمين عليها ؛ فهذا أمر يستدعي ان نتوقف معه بعض الشئ .
فكيف لنا ان نتصور موظفا يكدح من أجل عُمان ؛ ويعمل بروحٍ وثابةٍ بعيداً عن المجاملة والنفاق ؛ وهو مواطن عادي ليس ابن شيخ أو ان أبوه وزيرا سابقا أو دخل حروب من أجل نيل منصب دون وجه حق ؛ لكنه كافح وتدرج في مسمى موظف ؛ طوال عشرين أو خمسة وعشرين عاما في خدمة عُمان بنزاهة .
وحينما يطالب بترقية في مسمى وظيفي سواء رئيس قسم أو مدير دائرة ؛ يذهب هذا الأمر لشخص اخر ؛ أقل خبرة عملية لتلك الوظيفة .
وتلعب حظوظ ومدخلات أخرى عديدة في عالم البلدان العالم الثالث؛ لتظل النزاهة بعيدا كل البعد ؛ حتى لو أردنا تطبيق مفهوم دولة المؤسسات . ولكن الواقع المر يؤكد لنا اننا لن نخطو في هذا المجال سوى من حيث البهرجة الاعلامية ؛ وعلى صفحات الجرائد.
فما هي المعايير التي تحتسب لترقية موظف ؛ وكيف يتم الاختيار ؛ والترشيح لأن يكون هذا رئيسا أو مديرا أو وكيلا أو حتى وزيرا .
يفترض ان تحدد الخدمة المدنية هذه المعايير؛ وان تطبقها الجهات الاخرى ؛ لا ان يأتي وزيرا أو وكيلا ومدير عام ليرشح فلان لأنه قريبه أو من قبيلته أو لأنه جده أو أبوه شيخا ؛ فهكذا أمر لا يجعلنا ننتقل لوضعية دولة المؤسسات التي نهدف لتحقيقها في بيئة عملنا إذا كنا جادين ؛ واملين ان نرفع من اسم بلادنا في ميزان الشفافية والعدالة من حيث توزيع المناصب بحيث تكون وفق معايير علمية ؛ ليس وفق اهواء مزاجية وشخصية .
فماذا ينتظر من موظف قدم خدمة لوطنه طوال سنوات ؛ منتظرا بأمل مسمى وظيفي ليرتفع راتبه؛ الذي يكدح من أجله ليل نهار وحتى يصل لوضعية زملائه الذين تعدوه منصبا ؛ بعد ان دفعوا بهم دفعا لتلك المناصب؛ رغم انهم أقل خبرة وأقل تفانيا في عملهم .
بل انهم أقل درجة علمية من ذلك الموظف ؛ فكيف لمثل هذا الموظف ان يؤدوا عملا بأمانة ووطنية إذا كان الوطن يدير لهم ظهره.
بل ان هناك مسؤولين لا يقدرون من يعمل بأمانة وحرص شديدين ؛ وهو من يعلم الذي يأتون من بعده في المكتب الذي يعمل به ؛ ومن ثم يتم ترقيتهم هم وهو محلك سر . ويبدو ان السر ليس بغريب إذا كنا سنظل نعيش في بيئة المشيخة وغياب العدالة وبالتالي يجب علينا ان نمحي ما نطلق عليه دولة المؤسسات من قاموسنا ؛ حتى نعيش في زمن الغاب.

المواصلات العامة في مسقط

بلا شك ان الكثير من المؤشرات التي تقيس مدى تطور وتقدم الدول ؛ لديها معايير عدة حيال ذلك ؛ من بينها التعليم والصحة والحرية ؛ بجانب أمر مهم والذي يتمثل في خدمات المواصلات العامة .
ولا شك ان السلطنة خطت خطوات كبيرة ومتقدمة في عديد المعايير والمؤشرات سواء الاقتصادية أو الثقافية والصحية والتعليمية ؛ إلا انها في الحقيقة لم تستطع حتى الان رغم مرور أربعين عاما من عمر النهضة المباركة من ايجاد حل جذري لقضية المواصلات العامة . وهذه حقيقة علينا ان نواجهها بكل صراحة وموضوعية .
فقطاع المواصلات العامة لا يزال يواجه عدة تحديات في هذا الشأن ؛ وهو ما لم تستطع الحكومة ممثلة في بلدية مسقط أو غرفة تجارة وصناعة عمان أو شركة النقل الوطنية العمانية ؛ في ايجاد حلول له ؛ وحتى القطاع الخاص والمتمثل في الشركة العمانية للنقل .
فلا خدمات سيارات الاجرة تسر المظهر العام والتقدم الذي تحقق في ظل عهد النهضة المباركة ؛ ولا خدمة النقل العام والمتمثل في باصات النقل حققت الاهداف من تخصيص الشركة . فرغم ان الحكومة تعمل جاهدة لايجاد حلول عدة لقطاع النقل العام؛ لكن لا تزال تلك المحاولات تراوح مكانها ؛ وكأن " قيد الأرض " مستحكم فيها . ولا خدمات سيارات الاجرة حققت الاهداف حتى الان في رسم صورة مشرقة للقطاع السياحي في ظل جشع سائقي تلك النوعية من المركبات . ورغم ان هناك اطروحات عدة تداولتها ألسن المسؤولين على صفحات الجرائد اليومية ؛ إلا انها ظلت حبيسة الدراسات والادراج؛ ومزيد من الأفكار غير القادرة على تجاوز محنة يعاني منها عديد السياح وقبلهم المواطن والمقيم على هذه الأرض .
فظلت عملية دخول شركة خاصة لادارة خدمات سيارات الاجرة محلك سر طوال السنوات الماضية ؛ ويبدو اننا سنظل نراوح مكاننا في انتظار الولادة المتعسرة لهكذا أمر ؛ والذي يصنف ضمن المعايير التي تعطي صورة حضارية ومدنية وسياحية للبلد .
ولكن قدرنا ان نعيش تحت رحمة جشع فئة لا يهمها إلا مصالحها الشخصية قبل تقديم صورة حضارية لعمان النهضة والتقدم.
فكيف لنا ان نصف صاحب سيارة اجرة يطلب خمسة عشر أو عشرين ريالا لمسافة لا تتعدى كيلو مترين ؛ أو كيف لذلك السائق ؛ ان يتحكم في تعرفة النقل لمسافة أربعة كيلو مترات دون ان يكون هناك عداد على سيارته ؛ ليعرف كل ذي حق حقه ؛ وان نرفع عنا غمامة الجشع ؛ ونحقق خدمة في ظل ظرف طارئ لمواطن أو مقيم أو سائح .
كيف لنا ان ننجح في تجاوز أزمة مواطن يحتاج لخدمة سيارة اجرة ؛ لأنه أدخل سيارته للخدمة ؛ ويركض خلف سيارة الاجرة وسائقها لا يعيره اهتماما ؛ أو أن شخص يحاول ان يوقف سيارة اجرة ؛ ليتبعه الى ورشة تصليح السيارات ؛ ليوقف سيارته ؛ ومن ثم يعيده الى منزله أو مقر عمله ؛ ويرفض ذلك السائق اتباعه .
أو كيف لفرد توقفت سيارته في منتصف الطريق ليلا في وسط مسقط العامرة ؛ ولم يجد سيارة اجرة حوله أو رقما يطلبه لتنقله لبيته ؛ رغم انتظاره ساعات ؛ واذا قدر له ان تمر بنفس الشارع أو الجهة المقابلة سياره اجرة؛ فلا يعيره سائقها اهتماما . فأي خدمة واية مواصلات عامة هذه التي نبتغي منها ان نحقق الرفاهية لدولتنا وكل مقيم على ترابها .