في ظل ما يعرف بدولة المؤسسات ؛ يفترض ان تكون العدالة في اعطاء المناصب في ميزان خاص ومنظور حيوي ؛ من أجل تقدم البلاد ورقي خدماتها .
لكن ان تكون دولة المؤسسات حبر على ورق في ظل تجاوز بعض الوزارات والقائمين عليها ؛ فهذا أمر يستدعي ان نتوقف معه بعض الشئ .
فكيف لنا ان نتصور موظفا يكدح من أجل عُمان ؛ ويعمل بروحٍ وثابةٍ بعيداً عن المجاملة والنفاق ؛ وهو مواطن عادي ليس ابن شيخ أو ان أبوه وزيرا سابقا أو دخل حروب من أجل نيل منصب دون وجه حق ؛ لكنه كافح وتدرج في مسمى موظف ؛ طوال عشرين أو خمسة وعشرين عاما في خدمة عُمان بنزاهة .
وحينما يطالب بترقية في مسمى وظيفي سواء رئيس قسم أو مدير دائرة ؛ يذهب هذا الأمر لشخص اخر ؛ أقل خبرة عملية لتلك الوظيفة .
وتلعب حظوظ ومدخلات أخرى عديدة في عالم البلدان العالم الثالث؛ لتظل النزاهة بعيدا كل البعد ؛ حتى لو أردنا تطبيق مفهوم دولة المؤسسات . ولكن الواقع المر يؤكد لنا اننا لن نخطو في هذا المجال سوى من حيث البهرجة الاعلامية ؛ وعلى صفحات الجرائد.
فما هي المعايير التي تحتسب لترقية موظف ؛ وكيف يتم الاختيار ؛ والترشيح لأن يكون هذا رئيسا أو مديرا أو وكيلا أو حتى وزيرا .
يفترض ان تحدد الخدمة المدنية هذه المعايير؛ وان تطبقها الجهات الاخرى ؛ لا ان يأتي وزيرا أو وكيلا ومدير عام ليرشح فلان لأنه قريبه أو من قبيلته أو لأنه جده أو أبوه شيخا ؛ فهكذا أمر لا يجعلنا ننتقل لوضعية دولة المؤسسات التي نهدف لتحقيقها في بيئة عملنا إذا كنا جادين ؛ واملين ان نرفع من اسم بلادنا في ميزان الشفافية والعدالة من حيث توزيع المناصب بحيث تكون وفق معايير علمية ؛ ليس وفق اهواء مزاجية وشخصية .
فماذا ينتظر من موظف قدم خدمة لوطنه طوال سنوات ؛ منتظرا بأمل مسمى وظيفي ليرتفع راتبه؛ الذي يكدح من أجله ليل نهار وحتى يصل لوضعية زملائه الذين تعدوه منصبا ؛ بعد ان دفعوا بهم دفعا لتلك المناصب؛ رغم انهم أقل خبرة وأقل تفانيا في عملهم .
بل انهم أقل درجة علمية من ذلك الموظف ؛ فكيف لمثل هذا الموظف ان يؤدوا عملا بأمانة ووطنية إذا كان الوطن يدير لهم ظهره.
بل ان هناك مسؤولين لا يقدرون من يعمل بأمانة وحرص شديدين ؛ وهو من يعلم الذي يأتون من بعده في المكتب الذي يعمل به ؛ ومن ثم يتم ترقيتهم هم وهو محلك سر . ويبدو ان السر ليس بغريب إذا كنا سنظل نعيش في بيئة المشيخة وغياب العدالة وبالتالي يجب علينا ان نمحي ما نطلق عليه دولة المؤسسات من قاموسنا ؛ حتى نعيش في زمن الغاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق