كلما يممت وجهي نحو الداخل أو للخارج القريب والبعيد، كثيرون يباركون ويشيدون بالنهضة المباركة ، للأرض العمانية ولقائدها المفدى الذي حول بلادنا الى واحة أمن وأمان، رغم وجود عالم محيط حولنا بات على كف عفريت .
كثيرون ينتظرون اجابة على سؤال يبدو مهما لنا كعمانيين أو غير عمانيين . سؤال يتبادر للاذهان، وماذا بعد الأربعين عاما التي تعيش فيها عمان وهج التقدم والنماء .
فحقق القائد المعظم نجاحات كبرى، ونقل البلد والعمانيين من مرتبة التخلف والرجعية التي سادت في فترة ما قبل العام 1970 ، حيث لا مدارس إلا ثلاث ولا مستشفيات إلا واحدا لا يرقى لمسمى مستشفى، من كونه عيادة صغيرة في حي صغير في مسقط كان يسمى مستشفى الرحمة أو ما كان متعارف عليه بـ" طومس". ولكن اليوم تزخر كل ولاية بمركز صحي، وكل منطقة بمستشفى به أحدث التقنيات الطبية. كيف لا ولدينا جامعات منها الحكومية الوحيدة حتى اللحظة ، واخريات خاصة ، نمت بنمو الدعم الحكومي ، ومطارات بدأت تتوزع على المحافظات ، بخلاف مطار مسقط الذي كان سابقا يطلق عليه مطار السيب الدولي واخر في صلالة التي شهدت ميلاد عهد النهضة العمانية الحديثة .
كثيرون يحسدون عمان بهذا القائد العظيم في وفائه وحبه لبلاده وشعبه . كيف لنا لا نفاخر بوطن نعيش فيه في أمان واستقرار وجيراننا يعانون من خلل التركيبة السكانية وتكدس العمالة الوافدة ، بينما نحن العماني من يتسيد كافة الأعمال ، وكيف استطاع هذا القائد ان يقنع أبناء شعبه بالعمل في كافة المواقع وفي أي عمل يستطيعون ان يعملوا فيه ولو كان بمقدار راتب لا يزيد عن مئة وعشرين ريالا . كيف لا وعمان باتت مضرب الأمثال في كل الأحاديث الصحفية واللقاءات الاعلامية لكبار المسؤولين في دول المنطقة ، وعديد الاعلاميين الذين باتوا مبهورين بالنهضة والطفرة البشرية التي حققتها عمان بفضل قيادتها الحكيمة . في وقت ظل برميل النفط العماني متأرجحا بين سعر الثمانية دولارات وحتى وصل للتسعين دولارا وأكثر مع زكام الغرب وتهافت الاعلام على تحريك المشاعر بقرب حرب هنا واخرى هناك ، ودوران محركات السفن والطائرات العسكرية الغربية في مياه الخليج العربي والمحيط الهندي.
ويتساءلون كيف تمكن هذا القائد الفذ ان يوقع اتفاقيات مع كل دول الجوار لترسيم الحدود التي باتت تشكل بداية لاطلاق فتيل البارود بين الأخ وأخيه والدولة هذه مع الدولة الاخرى المجاورة.
انها سياسة سلطان وحكمة انسان ، وتكاتف شعب ، عاش فترات شتات متنقلا بين البحرين والكويت باحثا عن لقمة عيش ، وعمل بعضهم " صبيا " لدى شعب الخليج الشقيق أو عاملا أو بوابا .وحسب ما كتب الكاتب البحريني الدكتور حسن مُدن في روايته " ترميم الذاكرة" ، ان عمانيا كان يعمل مع والده ساعده على حصوله على كتب لقراءتها، رغم الحظر المفروض عليه من السلطات انذاك كون له توجها مخالفا للنظام .
وكيف كان يتحدث الاشقاء الكويتيون بأن العمانيين كانوا يعملون صبيانا لديهم، أو بحارة على سفنهم.
فيتساءلون، كيف حقق هذا القائد معجزته في زمن قلت فيه المعجزات، وان المعجزات ليست ببناء العمارات التي تطاول السحاب، بقدر انها تنمية الموارد البشرية، وتحقيق الأمن والأمان للداخل ولكل مواطن ومقيم .
حتى ان كاتبا بريطانيا قال في مقالة نشرت له في صحيفة الديلي تلجراف، ان بريطانيا تنوي أجلاء رعاياها الى عمان في حال اندلعت حرب بين ايران ودول الغرب، بسبب المفاعل النووي الايراني، كون العالم يحس ان عمان بمنأى عن ويلات الحروب والفتن في دول المنطقة .
ولكنهم ، مازالوا يتساءلون ، بعد الاحتفال بالعيد الأربعين ، من سيأتي بعد هذا القائد العظيم لمواصلة هذه النهضة ، والانجازات . وسبق ان طرح الأستاذ احمد الجارالله هذا السؤال على جلالة السلطان في أحد أحاديثه الصحفية، لماذا لا يوجد ولي للعهد في عمان . فكان رد جلالته ان في تاريخ عمان لا يوجد ما يسمى ولاية عهد. كما ان الدستور العماني أو النظام الأساسي الذي وضعه سلطان البلاد ، وضع النقاط على الحروف ، حول هذه النقطة الحساسة ، الذي أكد فيه وحسب المادة الخامسة، أن نظـام الحـكم سـلطاني وراثي في الذكـور من ذريـة السيد تركـي بن سعيد بن سلطـان، ويشترط فيمن يختار لـولاية الحكم من بـينهم أن يكون مسلما رشيدا عـاقلا وإبنا شرعيا لأبوين عمانيـين مسلمين.
بينما أكدت المادة السادسة من النظام الأساسي أن يقـوم مجلـس العائلة الحاكمة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تـنتـقل إليه ولاية الحكم . فإذا لم يتـفق مجلـس العائلـة الحاكمـة على اختيار سلطـان للبلاد قام مجلس الدفاع بتـثبـيت من أشار بـه السلطان في رسالته الى مجلس العائلة .
ولكن ورغم ان هذه النقطة واضحة ، لكن ما زالوا يتساءلون من سيحكم عمان .
البعض يقول هناك تخوف من وجود خلافات سواء في الدخل أو من الخارج ، خاصة ان من أسباب عزوف المستثمرين عن ضخ استثماراتهم في عمان، هو عدم وضوح الرؤية في هذا الشأن على وجه الخصوص . ويسأل الاشقاء في دول الخليج، أيضا من سيأتي بعد السلطان، خاصة وانه اليوم تعدى عمره الواحد والسبعين عاما، والله يعطيه طوله العمر.
ويتساءلون، هل تعيش عمان في غموض من حيث توريث الحكم، بخلاف دول الخليج، أو حتى بعض الدول العربية، التي بدأت تورث الحكم، ومثال الأردن والمغرب وسوريا، وفي الطريق مصر واليمن .
ويتساءلون، ألا يمكن للشعب العماني ان يعرف مصيره ومستقبله، في قضية قد تشغل فتيل أزمة داخلية قبل ان تكون خارجية، وألا يمكن ان يتغير النظام الأساسي، في وقت ان من وضعه الانسان نفسه، وبالتالي تغييره أمرا عاديا . ولماذ يظل انسان هذه الأرض يعيش في فراغ سياسي في قضية من سيحكم بلاده من بعد . وماذا لو عرفنا كمعانيين وعرف السلطان ذاته من هو القادم من بعده ، ليفقهه في ادارة شؤون البلاد والعباد . فالأرض والانسان العماني، يودون معرفة من سيواصل البناء والتنمية . إذا كان في تاريخ عمان لا يوجد من سيخلف الحكم فإن العالم اليوم تغير وتغيرت معه الكثير من الأمور، ونعتقد انه لا يمكن ان ننتظر اللحظة والمفاجأه . فهذا الزمن بات لا يحب المفاجأت، أو لا مجال لانتظار المفاجأت . فنحن وضعنا اقدامنا كدولة مؤسسات وسنت فيها القوانين، وبالتالي القانون والتشريعات تتيح معرفة القادم حول مصير هذه البلاد حتى لا يعيش انسانها في عتمة الظلام ، فيكفي ما عاشته قبل العام السبعين .
فحان الوقت للتعرف على مرحلة قد تكون مهمة في روزمانة التاريخ العماني العظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق