الاثنين، 28 فبراير 2011

مواطنون يكدحون ومسؤولون يكرمون

التكريم حق للموظف الذي يجد ويجتهد، وكذلك الحال بالنسبة للمسؤول الذي يعمل . ولكن لكل واحد دور في بيئة العمل .
إلا أن الموظف دوره يتعاظم أكثر في بيئة العمل ، وهو من يشكل عامل النجاح في تلك الجهة سواء مؤسسة حكومية أو خاصة. إلا أن الموظف راتبه أقل من المدير والوكيل والوزير ، وعلاوته أقل ، ولكن هو من يسير العمل، هو المنفذ بينما المسؤول يخطط ، والنجاح في النهاية يحسب للمسؤول وليس لذلك الموظف . إذا تأخر الموظف تمت محاسبته أما المسؤول فيأتي الدوام براحته ويذهب براحته . المسؤول لديه " منسق" يطبع له أوراقه ويرتب ملفاته وينظم مواعيده . حتى أن لديه موظفا يقود سيارته وينقل أولاده للمدرسة، ويذهب بدلا منه لسوق السمك ويتبضع عنه . المسؤول تكتب له كلمته التي سيلقيها في الحفل الذي يكون برعايته، وتصرف له بدلات عدة حتى علاوة عامل المنزل على حساب الحكومة أو الشركة ، ومصاريف أولاده في المدارس الخاصة من جيب الحكومة ، وحينما يسافر في رحلة عمل يحجز له على الدرجة الأولى . فلماذا كل هذا يقدم لشخص المسؤول الكبير ، بينما الموظف كل شيء ضده . فلذلك الشعب يريد إسقاط النظام لأنه بات لديه زكام من جبروت السلطة وظلمها له . ولماذا لا يتساوى كل موظف سواء صغيرا أو كبيرا في الحقوق الوظيفية ، ما دام الجميع يعمل للوطن . أليس من حق الموظف علاوة دراسة لأولاده في المدارس الخاصة ، أم أن المدارس الخاصة لأولاد كبار المسؤولين ، والمدارس الحكومية لعامة الشعب، أليس له حق علاوة خادمة منزل ، وتذكرة سنوية له ولاسرته للتمتع باجازته سواء في الداخل أو الخارج. ولماذا لا يعطى الموظف علاوة نقل مثلما تصرف للوزير والرئيس التنفيذي . أليس سعر البترول واحد أليس تعرفة الكهرباء وحدة ، أليس فاتورة الهاتف موحدة . أليس وأليس وأليس ، أسئلة يطرحها كل مواطن .
لذلك هذا المواطن يريد إسقاط نظامه، أو يطالب بإصلاحات، لان حقه مهضوم في وطنه، وخيرات بلاده تصرف بغير عدالة .
القانون يقول المواطنون سواسية ، لكن ما يمارس ضده يشكل غبنا عليه وعلى وطنه ، الذي يحميه برموش عينيه، ويفديه بحياته.
الجندي هو من يسهر على الحدود ، وأمام بوابات القصور وبيوت كبار المسؤولين ، وهو من يحمي الوطن في السلم والحرب. والموطف هو من يسهر حتى إصدار الجريدة بينما المسؤول نائما في بيته ، والموظف هو من يقدم آخر موجز أنباء في الإذاعة والتلفزيون، بينما الوزير والوكيل في سبات فوق فراشهم، والموظف هو من يوصل التيار الكهربائي إذا انقطع وهو من يوصل الكابلات الهاتفية إذا قطعت ، بينما الرئيس التنفيذي مشغولا في أعماله الخاصة، والشرطي هو من يخطط حوادث الحريق والسير ، وكبار القادة والضباط في غرف العمليات جالسون أو في بيوتهم ، والعامل هو من يرتب غرف الفنادق، بينما المدير العام ساهرا مع شلة اصداقائه، وعامل محطة الوقود هو من يعبئ الوقود في المركبات ويستنشق مشتقات تلك السموم ، بينما الرئيس التنفيذي وصاحب المحطة الوزير والشيخ والوكيل هائما في ملذاته، والموظف يقود الشاحنات ويخلص المعاملات ، ويصرف الرواتب ، ويجرد الحسابات ، ويسوق للبلاد وينظم المعارض، ويستقبل الضيوف ، بينما كبار المسؤولين بعيدا عن بيئة العمل، فأليس من حقه عيشة كريمة، وحال كحال المسؤول الكبير .
الى متى سوف يلجم لسان حال المواطن ، والى متى ستظل عينيه مغلقة عن خيرات بلاده، وهي تصرف بغير وجه حق هنا وهناك على أناس لا يزيدون شأنا عنه وعن دوره في خدمة وطنه. فلماذا توزع سيارات فارهة ومئات الألوف على مسؤولين شاركوا في جولة وطنية، هدفها خدمة الوطن وهو دور يجب أن يقوم به الوزير وبقية المسؤولين كجزء من مسؤولياتهم المنوطة، بينما الموظف البسيط يصرف له الفتات. ولماذا توزع أفخم السيارات على كبار المسؤولين مع كل عيد وطني ، بينما "قد" يمنح المواطن علاوة لا تكفي لشراء " جونية" بصل في زمن الغلاء. ولماذا يمنح كبار المسؤولين قطع أراض بآلاف الامتار ، بينما المواطن العادي " قد" تتفضل عليه بقطعه في أحد "سيوح" البلاد، وبين بطون الجبال، وكأنها قدمت له شيئا يجب أن يشكر حكومته عليه، ولماذا يمنع المواطن من حفر بئر في منزله بداعي الحفاظ على المخزون المائي للبلاد، بينما الوزير والشيخ والوكيل وكبار القوم، يحفرون "رقا" لزراعة حديقة ترفيهية في منزل كل واحد، أو لحوض سباحة لسهرة خاصة، تتراقص حولها "الغواني"، أليس هذا يضر المخزون الجوفي ، أم أن المواطن العادي فقط هو من يتسبب في جفاف باطن الأرض.
أن هكذا حال وعدم توزيع عادل لثروة البلاد، يشكل حنقا لدى كل مواطن ، لذلك فهذا المواطن تدفعه وطنيته للحفاظ على ثروة بلاده ، بحيث يجد منها نصيبا كحال أي مسؤول . بحيث يكون التكريم العادل يشمل الجميع في ظل خدمة الجميع لأرض الوطن ، وان المواطن الكادح ينتظر تكريمه كما يكرم كبار المسؤولين وعلية القوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق