يوم 27 فبراير 2011 لا نستطيع أن نطلق عليه ثورة ، إذا كانت هناك فقط مطالب لبداية عهد إصلاحات، وليس لسقوط نظام . كما تنادي بعض الشعوب العربية، بينما نحن لا نزال نعيش في بلاد تشهد مسيرة ونهج لبناء الأساس للأرض الفتية .
فخطط جلالة السلطان أربعين عاما منذ توليه مقاليد الحكم ، ولا يزال يؤدي أمانته ورسالته للشعب العماني ، فنقل البلاد من ظلام دامس كانت تعيشه ، وتخلف، بحيث ليس هناك مدارس سوى ثلاث ولا مراكز صحية أو مستشفيات ، ولا طرق معبدة ، ولا ولا ولا .
والحمد لله عمان اليوم بوجه مختلف ، بعد اكتمال البنية الأساسية .
ومع معطيات هذه المرحلة التي وصلت لها البلاد ، وتغير الكثير من السياسات في محيطنا، لم يعش العماني بمعزل عما يجري من حوله. وبعد الاحتفال بعيد الأربعين ، انتظر المواطن سن قوانين وتعديل أخرى ، وإصلاحات جديدة تتوافق مع روح المرحلة . وقد تكون هذه المرحلة تسارعت وتيرتها من حولنا ، فجاءت ثورة " بو عزيزي" لتقلب الطاولة ليس في عمان الهادئة ، بل في العالم العربي، فتبعتها ثورة شباب مصر ، ثم المطالبة بالاصلاحات في البحرين واليمن وليبيا. ووووو.
انجر بالتالي الانسان العماني وراء دوافع قناة الجزيرة ، التي باتت تدفع الشعوب لتغيير أنظمتها ، وهذا في حقيقة الأمر ليس إعلاما شفافا ، بل هذه سياسة ستدفع لها دولة المقر للجزيرة ثمنا باهظا في قادم الأيام.
عموما حراك الشعوب للمطالبة بالاصلاحات أمر طيب، بعد أن ظلت هذه الشعوب تدفع دمها وشبابها من أجل البناء . لكن يبدو أن بعض الأنظمة العربية لم تكن لتحرك ساكنا لولا ثورات الشباب ، التي تعبت من جحود الأنظمة ، وغياب حتى القيم الانسانية في إدارة الشعوب من قبل بعض أنظمتها.
لكن من هذه الأيام، أي مرحلة تحرك الشباب ، فلن تتراجع هذه الشعوب في تحريك المطالب ، وان كل مطالبها أن تعيش باحترام وتقدير من قبل أنظمتها .
كل مطالب الشباب تتركز حول محاسبة المفسدين ، وليس الاقتصار على العتاب ، نعم " كل ابن آدم خطاء" لكن "خير الخطائين التوابون". فهل نحن لدينا مسؤولون يتوبون من الانغماس في الفساد الإداري والمالي. بل في الحقيقة نرى أن هناك كثيرون تزداد ثرواتهم ، ونحن نعرف انهم لا يملكون شيئا قبل توليهم مسؤولية وزارة ما . فلماذا لا يسألون من أين لك هذا .
مطالب كثير من الناس لتشغيل الخريجين ، وفي عديد المرات أكدنا أن نسبة الباحثين عن عمل تزداد في بلادنا ، لكن لم يعر أحدا لمداد حبرنا .
فما هي قيمة مسؤول لا يستطيع أن يخلق وظيفة لخريج ، ولماذا لم نضع خطط سنوية للتوظيف . كما تقدم كل جهة مطالبها للميزانية العامة يجب أن تقدم خطة توظيف سنوية ، وتعلن في وسائل الإعلام .
اليوم بعد الأوامر السامية سيتم توظيف 50 ألفا ، فأين كانت هذه الوظائف ، لماذا كانت حبيسة الإدراج ، وكان كل مسؤول يتفضل على المواطن عند إعلان وظيفة. وقلنا في مرات عدة أننا في السلطنة أحسن من غيرها ، نظرا لنضوج فكر شبابنا ، للانخراط في أي عمل ، وهي ميزة نتفوق بها على غيرنا من دول الخليج ، وان أي وظيفة صغرت أو كبرت فهي وظيفة تدر دخلا لأسرة عمانية . ولكن ليس معنى ذلك أن تكون دخول هذه الوظائف 120 ريالا والآن 200 ريالا كراتب أدنى . كان يفترض ألا تقل عن 400 ريال كتشجيع للمواطن للعمل في مؤسسات القطاع الخاص.
وعلى الحكومة من اليوم أن توفق بين كافة المميزات بين القطاعين العام والخاص سواء في مميزات الرواتب أو الإجازات أو غيرها . فالكل سواسية في ميدان خدمة عمان .
نعم الحكومة اهتمت في الأربعين عاما ببناء البنية الأساسية ، ولكنها لم تغفل الانسان ، ولكن لم تهتم بالوضع الاجتماعي بشكل صحيح ، نعم نحتاج الى طرق ومدارس ومستشفيات ، وبناء مطارات وفنادق سياحية ، ولكن يجب أن تسير خطط التنمية جنبا الى جنب مع رفع الوضع الاجتماعي لإنسان عمان .
هنا على أرض عمان نسبة من الفقر ، البعض قد يكون يعيش تحت خط الفقر ، ومهما كانت هذه النسبة لكنها تؤثر في أمننا وحالنا .
لماذا حينما نكون على كرسي المسؤولية نفتقد معاني القيم الانسانية في إدارة شعوبنا، الشعب هو ذلك الانسان البسيط ، الذي ينظر له مسؤوله بكبرياء وتعالي ، أين الروح الاجتماعية السمحة للإنسان العماني ، أم أن المناصب تغير نفوس مسؤولينا .
أمرا مهما يجب أن تلتفت اليه الجهات المعنية ، وهو أن مجلس الشورى وسيطا بين الشعب والحكومة ، وإذا ظل دوره هكذا فإن لا فائدة من وجوده ، نعم هناك تغييرات حسب الأوامر السامية الأخيرة، وإعطاء مزيد من الصلاحيات، لكن يجب أيضا على المواطن الناخب ، أن ينتخب العضو الفاعل الذي يستطيع أن يخدم عمان وأبنائها ، فلا تعطوا صوتكم لمن يستطيع أن يشتري صوتكم بريال أو عشرة ريالات ، لأن هذا ليس لديه وطنية ، وإلا لما استغل وضعكم الاجتماعي .
كما أنه يجب أن يلعب الإعلام دورا هاما في المرحلة المقبلة في كشف الفساد ، في المؤسسة الحكومية، ويجب عدم كبت قلم الصحفي ، وانه يجب أن يقوم الإعلام بدوره في توصيل رسالته المهنية بشكل وسيط بين المواطن وولي الأمر. كان هناك برنامج " هذا الصباح" ولعب دورا في كثير من الأمور ، لكنه لجم صوته وخفف من حدة لهجته ، وحرية التعبير فيه . وبات شريكا في انتشار الفساد . لذلك على الإعلام أن يوسع حرية التعبير، حسب ما كفله النظام الأساسي، وقانون المطبوعات والنشر . إذن نحن اليوم أمام مرحلة يجب أن تنظر الحكومة الى القيم الانسانية في كيفية إدارة الشعوب ، وان الفرد المواطن تغير كثيرا إذا لم يكن تغييره 360 درجة فهو تغير على الأقل 180 درجة ، وهي كافية في أحداث انقلاب في سياسة الحكومة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق