الثلاثاء، 31 مايو 2011
الأرث التاريخي وبرجنا العاجي
تاريخنا العماني معروف وضارب في جذور التاريخ ، وهذا مما لا شك فيه ، وكلنا يعرفه حتى في خارج حدود هذه الأرض لمن يقرأ التاريخ . ولكن حقيقة جلست أفكر في أمر ما وهو عدم قدرتنا أن نتخلص من الماضي الذي بناه أجدادنا وقد يكون أبائنا والسابقون السابقون من شعب عمان . صحيح أن من " لا ماضي له لا حاضر له " وهي مقولة أقف عندها وإحاول تحليل ما يجري في عالم اليوم ، وهل هذه العبارة تنطبق على دول باتت تلعب دورا سياسيا سواء على مستوى المنطقة أو العالم ، ولم يكن لها تاريخ أو اسم قديم كما هو حالنا نحن العمانيين . ستقولون حكمة عمانية، واعتقد إننا شبعنا من هكذا قول، وما يجري اليوم بات يفقدنا حتى تاريخنا الذي صنعه الأولون. إذا كنا لا نستطيع أن نلعب دورا كما كان السابقون فإن هذا الزمن سوف ينسينا وينسى دورنا المجيد في التاريخ. يقال نحن العمانيون سادة البحار ، لأن لدينا أحمد بن ماجد ، وحتى هذا أصبحنا نتقاسم تاريخه مع دوله شقيقة . كان لدينا الخليل بن أحمد الفراهيدي ،صاحب كتاب العين، فماذا عمل لنا في تاريخ اليوم ، وكان لدينا قيد الأرض، فماذا خدمنا في تاريخ اليوم ، وصنعنا أفلاج تسير عكس سير الماء، فماذا حققنا بها اليوم . لدينا قلاع وحصون فماذا خدمت بلادنا وشعبنا . هل نحن اليوم نعيش على ماضينا الذي سطره الأجداد والسابقون من كان على هذه الأرض. وجلسنا في برجنا العاجي نطبل على ذلك التاريخ والزمن الماضي من عمر هذه الأرض. ولكن نحن اليوم في زمن غير الزمن ، ولحظات كبيرة تمر علينا ونفقد منها جزء من تاريخنا ، وحتى دورنا الاستراتيجي سواء على مستوى المنطقة أو العالم . إعلامنا بات لا يقدم ولا يقدم ولا يؤخر ، في زمن يلعب فيه الإعلام دورا كبيرا في نشر ثقافة المجتمع وتاريخ عصره الماضي والحاضر. نحن اليوم نرى تأثيرا كبيرا على كثير من شباب هذه الأمة ، وعلى ثقافتنا العمانية وعلى تاريخنا ، بسبب الإعلام القادم إلينا من الخارج . هناك تغير من ملابسنا ، وطريقة كلامنا ، وحتى ألحان أغانيننا تسرق وهي جزء من موروثنا التاريخي ، وتنسب لدول غيرنا ، ونحن ساكتون يخيم علينا الصمت. هل هي قدرة الغير على نشر ثقافته عنا ، ام أن العيب فينا وفي إعلامنا وفكر مسؤولينا على عدم قدرتهم فهم ما يجري من حولنا. لا نزال نعيش كلاما في جلباب ماضينا وتاريخنا ، ولم نستطع أن نتخلص منه أو لنبدأ من خلاله كونه تاريخا عملاقا ، يدفعنا لتكون عمان قوتها السياسية على الأقل أقوى مما يقوى به الآخرون . وان إطلالة عمان على بحر العرب والمحيط الهندي ، يفترض اقتصادها أكثر انفتاحا وقوة في علاقاتها مع العالم ، وسياحتنا يفترض أنها تجذب الأفواج السياحية من كل دول العالم ، لكي يتعرفوا على ماضينا وحاضرنا، وكنوز عمان السياحية التي يود الآخر أن تكون لديه . اليوم نحن يجب أن نتخلص من عقدة الماضي، إذا كنا نريد أن نبدأ مجدا جديدا لعمان التاريخ والأصالة . وإذا كنا نمجد تاريخنا ، وننتظر أن يحقق لنا في حاضرنا شيئا ويكون دافعا لمرحلة قادمة، ويكتب لنا عمرا جديدا ، فلابد أن نكون حريصين على أن يكون كل ذلك الماضي قوة نستلهم بها المستقبل ، وإلا فلا نريد ذلك التاريخ لأنه بات يظلم جيلنا الحالي وقد يظلم الأجيال القادمة من أبناء عمان. وحقيقة يفترض أن التاريخ يكون عامل مساعد لا عامل هدم كما هو حالنا نحن في العصر الحالي ، نتغنى بالماضي فقط ، ولا نفعل شيئا في عصرنا الحالي . كثيرا ما نمجد علماءنا السابقين في الأدب والشعر ، لكن ماذا فعل جيل اليوم ، من كل أولئك ، لم نسمع لشاعر عماني أو أديب عماني كان له تأثير شعري أو أدبي . لذلك سنظل نعيش في جلباب الماضي ونطبل عليه دون أن نتحرك من برجنا العاجي . فاعتقد يكفي عمان تراجعا بداعي المحافظة على تاريخها وارثها ، ولنخلع جلباب ماضينا وننفض غبار الماضي المتراكم علينا ، ولنبدأ في أخذ دورنا التاريخي السياسي والاقتصادي والثقافي ، لان قادم الأيام لن ترحم أحدا إذا لم نكن قوة يحترمها الجميع .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق