لنحقق التعاون أولا
جاءت موافقة قمة الرياض الأخيرة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية، على التحول من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، عبر دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
تأكيدا لعمق الروابط البشرية والجغرافية والتاريخية، واستجابة لطموحات أهل المنطقة. لكن البعض بدأوا يغردون ليسطروا بمداد أقلامهم، وإطلاق ألسنتهم في الفضاء الإعلامي، بعد تلك الدعوة دون التوقف عند الوقائع والحقائق الفعلية.
انتقال دول الخليج إلى مرحلة الاتحاد، لا بد أن يوافقه تغيير في النهج والفكر، وتسريع مراحل لا تزال عالقة بين الحدود، رغم أن الخليجيين يعيشون تحت مظلة التعاون لأكثر من 30 عاما.
لكن هناك عراقيل عدة تحول دون تحقيق الاتحاد, الذي لا شك أنه شيء رائع، ولكن الأكثر روعة هو أن الشعوب تريد أن تحس بقوة الخليج، قوته ليس في نفطه، بل قوته في تعاضد أركانه الستة، في تحقيق حلم الشعوب عبر تكامل منظومته.
رائع أن نتحدث ونقول عبر الفضائيات إننا خليج واحد، ومصيرنا واحد، لكن المواطن الخليجي يجب أن يلمس هذا على أرض الواقع، فهو ما زال يصطدم بعراقيل عدة في إطار التعاون، فما بالنا في حال الاتحاد!
كثيرة هي الأشياء التي يطالب بها أبناء الخليج، للانتقال للاتحاد الكونفدرالي، وأولها أن نحقق أسس التعاون ومن بعدها لنجعل قطار الاتحاد يسير قويا. أما في هكذا حال، فلن نصل لمحطة قطار الاتحاد في خليجينا المعطاء.
لا تزال هناك هواجس من بعضنا تجاه البعض الآخر، ولا تزال مشاريع كثيرة مشتركة تنتظر التنفيذ منذ سنوات رغم إقرارها رسميا، ولو نفذت كما هو منتظر، لكنا قطعنا أشواطا بعيدة في بناء وحدة متكاملة.
إذا ما أردنا أن نبني خليجا واحدا باتحاد واحد ونبض واحد، علينا أن نفتح حدودنا أمام بعضنا، وأن نكون قلبا نابضا وكلمة واحدة، وجيشا واحدا، وجوازا واحدا وعملة واحدة، وحدودا واحدة، وأن نفكر تفكيرا شموليا، لا تفكيرا انفردايا، سواء في مناهجنها التعليمية، أو حتى في إجازاتنا الدراسية، وقبول جامعاتنا، وتوظيف الشباب الخليجي، وأن نحمي بعضنا بعضا، وأن نحارب من يعمل على زعزعة استقرارنا.
أيها الخليجيون.. سدوا ثغرات تفرقكم، وأوقفوا فرحة أعدائكم, وتخلصوا من الضغائن ومستصغر الأمور، حتى يتحقق الاتحاد الخليجي المنشود، بعد أن تكتمل أسس التعاون الصحيحة, لتكون قواعد الاتحاد صلبة في مواجهة القادم من الرياح العاتية.