الخميس، 2 فبراير 2012

مقال 2 فبراير2012

لننهض بعُماننا..!

أربعون عاما كانت مرحلة مخاض لولادة دولة عصرية، تحمل معنى حقيقي للدولة المدنية أو كما يطلق عليها دولة المؤسسات.

عمل القائد المؤسس للدولة الحديثة بكل جلد وحب لبناء وطن حديث، عاش شعبه شظف حياة صعبة، ما قبل عام 1970، ونهضت اليوم دولة من بطون جبال، وممرات أودية، ومن بين صحراء قاحلة لم تكن فيها الزراعة بلونها الأخضر، سوى لعدد من نخيلات باسقات يهددها " المحل" أو قلة نزول المطر. وبحر واسع على مد البصر، بدون ان تمخر به عباب السفن الحديثة سوى القلة القليلة، من قوارب " الشاشة" و " الهوري".

عُرفت عُمان سابقا بالغبيراء، عاش سكانها في تخلف تنموي بكل معنى الكلمة، ومعتقدات السحر والجن، وهواجس بعيدة عن دولة مسلمة، لها تاريخ تليد. ضربت مثالا في علاقاتها مع الشرق والغرب.

لكن عُمان اليوم بشبابها تغيرت من حال إلى حال، بعد حراك تعليمي كبير، ووصولها لمصاف الدول المتقدمة " تنمويا"، ووجود مستشفيات حديثة ومراكز صحية متعددة.

لكن ماذا يجب على الجيل الحالي أو ما بعد عملية الإصلاح، هل نقف كشباب فقط في خانة " المتذمرين"، حتى نعود بعماننا للوراء سنوات وسنوات، اليوم وصلنا لمرحلة كبيرة، وضربنا مثالا، للعديد من الدول في المنطقة على قدرتنا ان نغير الكثير من الأمور لصالحنا إذا ما أردنا.

وكما ضربنا أمثلة عدة في التفاني في حب بلادنا، فإنه يجب علينا اليوم ان نعيد ونجدد حبنا لهذا الوطن، من خلال ان ننهض به، لآفاق أرحب من حيث العمل والحرص عليه وتقديم كل ما يكون عاملا مساعدا لرفاهية شعبنا، وقد يكون الرفاه ليس بالمال فقط، بل بأن ننهض بالوطن، عبر محاربة من يعمل على تفتيت انصهار هذا المجتمع في بوتقة حب الأرض العمانية، وان نبادر للاصلاح، لا ان نكون معاول هدم لما بني في أربعين عاما ونيف.

هناك من يعبث بقصد أو غير قصد على هدوء وسكينة هذه الأرض، بغية تحقيق مطالب قد تكون مشروعه للجميع إذا ما نظر اليها نظرة المواطن، وكل ما جرى ويجري بدافع الحرص على التغيير للأفضل دون أدنى شك، وهو ما تدركه القيادة.

ولكن علينا ألا نكون غير منصفين فيما تحقق من منجزات على الأرض لم يحلم بها من هو يعيش فوق آبار نفط وغاز أكثر من عُمان. ليس بالمال وحدة يعيش الإنسان، وليس بمطالب زيادة الرواتب سنغتني، ونحقق كل أحلامنا، هناك أمور تحتاج منا ان نعيد ترتيب حياتنا فيها، ونفكر في المهم والأهم.

نعم المدرسون يحتاجون لعناية أكبر من الدولة، لكن أيضا هم مسؤولون عن أجيال. فالطفل لا يعرف ما هي مطالب مدرسه من الحكومة، بقدر أنه يفتخر بما يقدمه مدرسه من معلومات يفتخر بها، أنه حصل عليها وأضافت له زادا جديدا.

مرة وحينما تخرج ابني من الشهادة العامة، هاتفني مدرسه " العماني" ليبارك بما حققه من نتيجه، فقلت له "هذا نتاج ما زرعتموه انتم".

نحن اليوم نفتخر بوجود المدرس العماني ذكرا أو انثى، في وقت تبحث كثير من دول المنطقة عن المدرس " المواطن".

هناك شيء كبير زرعه جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه- في نفوسنا، وهو حب العمل وحب هذا الوطن، لذلك نجد إننا متفوقون في بلادنا أكثر من غيرنا في دول أخرى في المنطقة.

وهو ما يجب علينا بل ويدفعنا إلى ان نعمل أكثر مما سبق لننهض بسلطنة عمان، دولتنا العزيزة، لنبدأ مرحلة قد تكون أكثر أهمية مما مضى من سابق الأيام والسنوات.

وحينما نحاول ان نضع نقاطا على حروف لبعض الأمور غير السوية في مؤسساتنا، ليس ذلك انتقاصا بقدر إننا نسعى للاصلاح، وان نحقق مستوى رفيعا في مؤسسات تحتاج للاصلاح بشكل كبير في إداراتها حتى لا تضيع سنوات وجهود جيل هباء دون تفكير في إبراز ما هو أهم لمرحلة أكثر حاجة للعمل الوطني المضني.

جيل اليوم يتطلع لمرحلة مشرقة أكثر مما كان في مرحلة التأسيس طوال أربعين عاما. ويجب ان تدرك القيادة سرعة ما يتغير من حولنا اليوم، وان ننظر للأشياء من زوايا عدة وليس ان نضع أنفسنا وخططنا في مرحلة محددة، حتى يعيش شعب عمان، حرا أبيا في عهد النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان المعظم - أعزه الله ورعاه-.

ولكن أيضا يجب ان ندرك ان هناك فئات لا تحتمل تصويب أخطاءها بقدر تجميل عملها في كثير من الحالات، وهي فئة لا تنشد حالا أكثر مما هي عليه، وهي فئة لا تعمل لعمان بقدر ما تعمل لصالح ذاتها فقط. ويجب اقتصاصها من جذورها من مؤسسات الدولة، حتى ندفع بالعمل الوطني لمراحل جديرة ان يذكرها التاريخ ، لا ان نذكر نحن التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق