يوسف بن احمد البلوشي - اعلامي
كانت الساعة تشير الى العاشرة مساء من مساءات شتاء أيام العام 2009؛ فقبل البارحة كانت المدينة مشغولة بأنهمار المطر على شوارعها وتمسح بقطراتها على ورق الاشجار ؛ بينما الشعاب والوديان تجري بين الكثبان الرملية .
تلك المشاهد كانت لحظات لن نستطيع نسيانها بسهولة في زمن أصبح فيه المطر نادرا ؛ وورق الاشجار مغبرا؛ والشوارع تنتظر بلهفة تلك القطرات المتساقطة.
ولكن في مساء تلك الليلة جاءت لأحد مطاعم المدينة فتيات في مقتبل العمر ؛ لا يكاد ان يتجاوز عمر الواحدة منهن الخامسة والعشرين ربيعا؛ وهن يرتدين عباءاتهن ذات السواد المتعارف عليه في دول الخليج ؛ وجلسن على كراسي تلك الطاولة المستديرة وكأنهن سيعقدن قمة لمناقشة إشكاليات المناخ ؛ أو النووي الايراني ؛ أو تفجيرات بغداد أو تلك الماسي الانسانية في افغانستان بحجة محاربة جماعة طالبان ؛ أو أزمة انشقاق الفلسطينيين وضياع قضيتهم بل قضية الأمة الاسلامية ؛ أو تمرد جماعة الحوثي .
نعم كان اجتماعا ؛ بل اجتماع خاص ؛ حيث الاحتفال بعيد ميلاد صديقة لهن في ذلك المطعم حيث أوتار المعزوفات الكولومبية القادمة من أمريكا الجنوبية .
الضحكات كانت بارزة للحضور الذي كان بعضها يستقي جعته؛ أو تلك الكوكتيلات الغريبة والعجيبة؛ القادمة من عالم لم نعتاد عليه بعد .
وما يطرح نفسه ذلك السؤال ؛ كيف تتجرأ نساء خليجيات في الدخول لمثل هذا المطعم ؛ وسط نادلات صينيات ؛ وكؤوس النبيذ على يمينهن وشمالهن . والأجواء ملبدة بتلك الأحاسيس غير المألوفة في مجتمع كمجتمع الخليج ؛ أم ان الزمن له قول اخر في مثل هذه الإشكاليات ؛ بل التحولات.
بلا شك هناك تحول غريب في مجتمعنا الخليجي ؛ ففي وقت باتت فيه البرقع محرمة ؛ أو الشيلة موضة قديمة ؛ بينما الاختلاط في مواقع المطاعم والحانات مرحلة تقدمية وديمقراطية .
لا شك اننا نقف في صف دعم التطور ؛ لكن ليس إلى هذه الحال ؛ بأن تخرج البنت مع صديقاتها لحفلة عيد ميلاد في مطعم بل هو يشكل اساسا حانة في المدينة.
ومهما أردنا من دعم لتحرر المرأة ؛ والنهوض بفكرها ومشاركتها السياسية ؛ لكن ليس بهذه الصورة . ورغم اختلافي مع ذلك المحدث الديني في اذاعة خليجية ما ؛ حول معتقده ونعته بمن ينادون بتحرير المرأة ، بل أنا ضد عبودية المرأة ؛ والتشدد القبلي والعقائدي الذي يمارسه البعض على المرأة ؛ ولكن ليس بصورة ان نجعل منها محررة كليا ؛ لتحتفل في " بار " ليلي مع صديقاتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق